Monday 12 March 2012

فى دولة القانون ليس هناك مكان " للجياشه "...



أن ملامح  الدوله الجديده لم تتشكل بعد ورغم ذلك ،هناك من يتحرك فى الخفاء ليرسم وجه ليبيا المستقبل كما يحلو له ،مستغلا جمود القضاء وابتعاد مشروع العداله الانتقاليه عن الساحه..الامر الذى اتاح للجياشه ان تكون القانون المهيمن الذى يدير الامور..
فى الفتره الماضيه استفحلت مظاهر التخريب بشكل اصبح يزعج الكثيرين وفى المقابل كان الرد الوحيد للجهات الرسميه هو الصمت بينما تنتهك حرمه القبور مرارا وتكرارا امام اعين الجميع..استمر نكران وجود خطب ما ،ماجعل الامر يبدو مدعوما من جهة رسميه  تسعى لتهيئه الليبيين لايدولوجيه جديده..
حتى مؤخرا ..عند وقوع حادثة "نافورة الغزاله" فى طرابلس وهدم مقبرة الجنود البريطانيين فى بنغازى وغيرها من عمليات تخريب القبور والاضرحه..عندئذ تلقى الجميع صفعة كان لها الفضل فى استيقاظنا وادراك ان ليبيا تقاد الى منحدر معصوبة العينين ..
ماتناقلته الاخبار عن هذه الحوادث ان "مجهولون" هم الذين قاموا بهذه الجرائم ..مجهولون؟!
ماذا يعنى ذلك بالتحديد ،أيعقل ان جماعة مجهوله  تخرب قبور الاولياء وتكرر اعتداءاتها هذه دون اى اجراء ردعى من قبل الجهات الامنيه على كثرتها وتعددها..؟  أم ان الغرض من هذه  الجرائم الهاء الرأى العام عن عمليه التغيير التى تشهدها البلاد..ام هل يستغل هؤلاء وضع الارتباك والتعقيد لتنفيذ ما لديهم من مخططات..؟
 كل هذه الاحتمالات وارده..لانه ببساطه توفرت كل الظروف المناسبه لخلق حالة الجياشه - سواء اكان فى التشكيلات العسكريه الخارجه عن اى اطار قانونى ام التيارات السياسيه التى تتبع منهج الخطاب الديماغوجى لتضمن اكبر عدد ممكن من  الاصوات..
ناهيك عن المجالس المحليه والوزارات ومجلس الافتاء وغيرها من المؤسسات التى تجمع صلاحيات وامتيازات لتكون بمثابة الغراء لكراسيهم..
 ..فى مناخ الحريه هذا ادرك الجميع فجاة ان ابداء الرأى حق مشروع كما ان للجميع الحق فى ان يأخذ رأيه بعين الاعتبار..وهذا منطق سليم لكن قانون الحريه الوحيد هو ببساطه الا تتعدى على حرية الاخرين ..لان الحريه هى مساحه شخصيه يجب ان تكفل لكل انسان..
ففى الدوله التى تضمن حق المواطنين فى المساهمه فى تنفيذ القرارات والمشاريع ، تتحقق فيها المساواه ويتنسى للمواطن المشاركه فى صنع القرار دون الانتقاص من حقوقه او التعدى عليه او اذيته..
فحادثة الغزاله هى احد المظاهر الكثيره هذه الايام التى أسىء فيها فهم الحريه وكذلك فهم حق ابداء الرأى..
ويمكن تفسير ماحدث بأن جماعة من الناس لهم افكار مشتركة قرروا تطبيقها وفق قانونهم الخاص دون مراعاة لاراء وافكار الاخرين..
 معتبرين ان افكارهم –بغض النظر سواء اكانت دينيه اخلاقيه او سياسيه-صائبه وحقيقة يجب التسليم بها..وهذه الطريقه فى التعبير عن الاراء تخالف مفهوم دولة القانون ونموذج المجتمع الذى يحترم الاخرين..
 فانه لا يهم فعلا إذا كنت مؤيدا او معارضا لوجود التمثال او الاضرحه بقدر ماهو مهم طريقة التعبير عن رأيك ،لانه عندما ندرك ان هناك اخرين يؤمنون مثلنا بأفكارهم الخاصه ويريدون تطبيقها والدعوه اليها..نصبح فى حاجه الى الحوار ومشاركه الاراء وخاصه اذا كان الامر يتعلق بالشأن العام ويمس المجتمع بكامله. ..اعنى لا يجب على كل حال ان يقوم شخص او جهه ما بمقام السلطه التنفيذيه للدوله فى تطبيق قرارات لم يشارك فى صنعها كافة ابناء الشعب ..لان نموذج التعامل هذا يرجع بنا لغوغائيه النظام السابق وينتج صراعا بين قوى غير شرعيه هدفها الهيمنه على السلطه وتعطيل مشروع الانتخابات وتأخير مضى البلاد فى مسيرتها السياسيه حتى يتسنى لهم تهيئه الجو الملائم للسيطره على الرأى العام تحت مسمى القيم الدينيه او الاخلاقيه..
فالدفاع الوحيد ضد هذه الجرائم هو التيقظ وتكاثف الشعب فى حراك كبير ضد كل من يريد تحويل ليبيا الى ضيعته الخاصه..